خطبة الجمعة القادمة رعاية الإسلام للشباب لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح
كتب: د. أحمد رمضان
خطبة الجمعة القادمة رعاية الإسلام للشباب للشيخ عبد الناصر بليح.
لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الخطبة كما يلي
رعاية الإسلام للشباب
الحمد لله رب العالمين .. يا رب اكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك يا رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي الصالحين .. امتدح نبيه يحي بن زكريا عليهما السلام بأنه منحه الحكمة وهو في سن الصبا:” يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً”(مريم /12).
واشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله القائل:” سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالي.(البخاري ومسلم).اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله.
أما بعد فيا جماعة الإسلام :”
يقول الله تعالى :” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً”(الكهف /13-14).
أخوة الإيمان والإسلام :
الشباب في الأمة هم عصب حياتها ، ومادة بقائها ، على أكتافهم تنهض وعلى سواعدهم تتقدم هم أركان رقيها في السلم وهم كتائب نصرها في الحرب وهم محط آمالها في حاضرها ومستقبلها وقد مدح الله عز وجل الشباب الذين أخلصوا عبادتهم لربهم فمدحهم مدحاً عظيماً فذكرهم أنهم شباب أخلصوا العبادة لربهم وخالقهم وأسلموا وجوههم لبارئهم فزادهم الله تعالى بركة هذا الثبات على الحق هداية على هدايتهم وإذا نظرنا إلى عناية الإسلام ورعايته للشباب فإننا نجد أنه رعاهم دينياً وخلقياً وعقلياً وعلمياً وبدنياً ..الخ
#رعاية الشباب دينياً :
إخوة الإيمان :
لقد اعتنى الإسلام بالشباب ورعاهم أيمارعاية فمن هذه الرعاية رعاهم دينياً وحثهم على الالتزام بمنهج الدين.
فتربية الشباب على أساس الإيمانِ – العقيدةِ الصحيحة السَّليمة، النابعةِ من الكتاب والسنَّة – والخُلقِ الحسَن، والدعوةِ إلى الله، والأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكرِ، والشجاعة والجرأة على قولِ الحقِّ – من واجب الآباء والأمَّهات، ومسؤولية رجال التعليم والتربية في المدارس والمعاهد والجامعات..
فلننظرْ ما ذكر اللهُ – تعالى – في القرآن الكريم من نَموذجٍ حسَنٍ لتربية الآباءِ أبناءَهم، يذكر عبدَه لقمانَ وما قام به من تربيه ابنه على التوحيد الخالص، والإيمانِ بالله حقَّ الإيمان، وإقامِ الصلاة، والدعوةِ إلى الله وحده، والأمر بالمعروف، والنهيِ عن المنكر، والصبرِ على ما يُصيبه في هذا الطريق، وتربيته على التحلِّي بمكارم الأخلاق، والتخلِّي عن سفاسفِها؛ حيث يقول الرب – عز وجل -: “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ” (لقمان/ 13). ويقول عز وجل:”يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌيَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِوَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ”(لقمان/16 – 19).
ومتى التزم الشاب بذلك كانت له أعلى درجات الجنة يقول صلي الله عليه وسلم:”سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله “( البخاري ومسلم وغيرهما).
والمتدبر لتاريخ الدعوة الإسلامية يرى أن أكثر الذين بادروا بتلبية دعوة النبي صلي الله عليه وسلم ودخلوا في الإسلام وتركوا عبادة الأوثان كانوا من الشباب .
فهذاهوعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقد دخل الإسلام وهو لا يزال صبياً فقد أسلم ولم يؤثرعنه أنه سجد لصنم قط فقد كرم الله تعالى وجهه عن السجودلغيره.
اتخذه النبي صلي الله عليه وسلم أخاً له بالمدينة عندما آخي بين المسلمين. كانت لديه الشجاعةأن يبيت في فراش الرسول ليلة هجرته وهو يعلم بما يبيته المشركون له.ائتمنه النبي – صلي الله عليه وسلم – ليؤدي الأمانات لأهلها بعد هجرته. شهد كافة غزوات الرسول ماعدا غزوة تبوك وكانت له في جميعها بطولات نادرة.أحد من كانوا يكتبون الوحي عن النبي – صلي الله عليه وسلم – وأحد من جمعوا القرآن ثم عرضه عليه “محمد عليه الصلاة والسلام”.أول من وضع قواعد اللغة العربية أملاها علي أبي الأسود الدؤلي ثم كلفه باستكمالها.
روي عن النبي – صلي الله عليه وسلم أكثر من خمسمائة حديث. أول من بعثه النبي – صلي الله عليه وسلم قاضيا إلي اليمن وهو لايزال شاباً.
هذا الفتى والشاب الجليل لم يتخلف عن غزوة من الغزوات سوى غزوة تبوك لمهمة كلفه الرسول صلي الله عليه وسلم بها وقد حزن لهذا التخلف وقال:”يا رسول الله تركتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم :”يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى . إلا أنه لا نبوة بعدي “(البخاري).
-#رعاية الإسلام للشباب خلقياً :
عباد الله :” كما اهتمت شريعة الإسلام بغرس العقيدة الدينية في نفوس الشباب منذ صباهم اهتمت أيضا بغرس مكارم الأخلاق في قلوب الشباب وذلك لأن مكارم الأخلاق هي أساس من أسس الرسالة التي بعث من أجلها الرسول صلي الله عليه وسلم فقد قال في حديثه الشريف ” إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ “(مالك). ( وفي رواية :”صالح الأخلاق “(أحمد ).
وضرب القرأن الكريم لنا امثلة لهؤلاء الذين تربوا خلقياً هي قصة نبيِّ الله يوسف – عليه السلام – في القرآن الكريم، التي هي من أحسن القصص؛ لِما فيها من العبرة والموعظة الحسنة:”نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ”(يوسف/3).تربى يوسف تربيةً ربَّانية وهو في قصر عَزيز مصر في بيئة غير صالحة، ومجتمع قد ساده الفسادُ، حتى إذا بلغ مبلغ الشباب، ابتلاه اللهُ بامرأة العزيز تراوده عن نفسه، وقد شغفها حبًّا، فاستعان يوسفُ بالله، وعصَمه الله منها:”وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ “(يوسف/22-23).
وعمل الإسلام علي التربية بالحوار والنِّقاش: فعن أبي أمامة قال : ” إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه و قالوا : مه مه ! فقال : ادنه ، فدنا منه قريبا قال : فجلس ، قال : أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ، قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم ، قال : أفتحبه لأختك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال : أفتحبه لعمتك . قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم ، قال : أفتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم ، قال : فوضع يده عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه و طهر قلبه و حصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء” (أحمد ).
وهذا هو فتى قريش المدلل فاكهة المجالس بمكة :”مصعب بن عمير” هذا الفتى الخلوق الذي تربى في مدرسة رسول الله صلي الله عليه وسلم على الأخلاق الكريمة والآداب الفاضلة .. والذي كان في مطلع شبابه ولبى دعوة النبي صلي الله عليه وسلم وصبر على الأذى وتحمل شظف العيش بعد أن كان يعيش عيش الأغنياء الأثرياء وحاولت أمه وكانت من الأثرياء أن تصده عن الدخول في الإسلام ولكنه ثبت على دين الحق وفضله على الترف واللهو والخمر والنساء والزنا والفجور.. فكان أول المهاجرين إلى المدينة المنورة بتكليف من الرسول صلي الله عليه وسلم يعلم أهلها تعاليم الإسلام وبسببه دخل الكثير في الإسلام .
وقد نال إحدى الحسنيين الشهادة في سبيل الله عز وجل بعد أن أبلى بلاءً حسناً من أجل إعلاء كلمة الله ووقف الرسول صلي الله عليه وسلم وسالت دموعه الوفية بغزارةوقال:”مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً “(الأحزاب/23]ثم ألقى الرسول صلي الله عليه وسلم نظرة إليه في أسى وقال :” لقد رأيته بمكة وما بها أرق لمة ولا أحسن حلة منك ، ثم ها أنت اليوم أشعث الرأس في بردة ؟ بعد أن أرادوا أن يكفنوه فلم يجدوا له إلا شملة صغيرة فإذا وضعوها على رأسه ظهرت رجلاه وإذا وضعوها على رجليه ظهرت رأسه فقال صلي الله عليه وسلم:” اجعلوها مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه من نبات الأرض الإذخر”(الجماعة إلا ابن ماجة) .
#رعاية الإسلام للشباب علمياً :
أيها الناس :”وقد رعى الإسلام الشباب وحثهم على العلم والتعلم فنجد أن الرسول صلي الله عليه وسلم دعي إلى العلم لأن العلم ميراث الأنبياء فقال :” العلماءورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر”(أبو داود والترمذي وابن ماجه).
ويذكرنا المولى عز وجل جملة من الآيات في كتابه الكريم والتي تحث على الأخذ بالعلم : قال تعالى:”قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ”(الزمر/9).وقال تعالى “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ “( فاطر/28).
وقال تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ “(المجادلة /11).
وتارة يرشدنا القرآن إلى أن أول ما نزل على الرسول من الهدي الإلهي إنماهو قوله تعالى:”اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”(العلق /1-5).
وقد حث الرسول صلي الله عليه وسلم الشباب على هذا العلم حيث قال :” إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما “(الترمذي وابن ماجه والدارمي). فكأن الذي لا يتعلم إنما يكون إمعة وما أكثر الإمعات في عصر لا تتقدم فيه الأمم بكثرة أفرادها وإنما تتقدم بكثرة علمائها في شتى المجالات في الطب والصناعة والزراعة والهندسة.. الخ.
ومما يدل على أن الإسلام رعى الشباب علمياًما روي من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:”إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنه مثل المسلم فحدثوني ما هي فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله فوقع في نفسي أنها النخلة ..”(البخاري وأحمد وغيرهما) .
ومما يدل علي أن الإسلام رعي الشباب علمياً دعاء الرسول صلي الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالفقه والتفسير فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال: كنت في بيت ميمونة بنت الحارث فوضعت لرسول الله صلى الله عليهه وسلم طهورا، فقال: من وضع هذا؟ فقالت ميمونة: عبدالله، قال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”(أحمد وغيره).
#رعاية الإسلام للشباب بدنياً :
من صفات الأمم القوية التمسك بتعاليم دينها القوية في تمسكها بمكارم الأخلاق القوية في فهمها السليم لأحكام شريعتها أنها تغرس في نفوس أبنائها منذ الصغر ما يصلحهم وينفعهم في بدنهم وخلقهم وفي تقويم أبدانهم فإن العقل السليم في الجسم السليم ، وجسم الإنسان هو بناء الرحمن الذي لا يصح أن يتعدى عليه إنسان ، قال تعالى :” مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً”(المائدة/32).
وقد طلب الرسول صلي الله عليه وسلم من الشاب المسلم أن يكون قوياً فقال :” المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن فر أمر فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان”(مسلم ).
ومن أجل هذه القوة دعي الإسلام المسلم إلى التداوي ففي الصحيحين يقول صلي الله عليه وسلم :” ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء فتداووا يا عباد الله “(متفق عليه). ومن أجل هذه القوة جسمياً وبدنياً حث الرسول صلي الله عليه وسلم على التزام الآداب السامية للمحافظة على الجسم فعندما يجنح الشاب إلى الشهوة :” يقول صلي الله عليه وسلم:”يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”( أي وقاية ).(رواة الجماعة). أين شبابنا من هذه الآداب السامية ولا حول ولا قوة إلا بالله ؟
“وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”( النــور /31).
#الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الحليم الستار غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير والصلاة والسلام على رسول الله .
أما بعد فياعباد الله :
#رعاية الشباب عقلياً
رأينا كيف رعي الإسلام الشباب دينياً وعلمياً وجسمياً ..وتعالوا لنرى كيف رعى الإسلام الشباب عقلياً فلقد حث الإسلام الشباب على سلامة العقول وصفائها وذكاءها ونماءها لأن العقول السليمة إن كثر عددها في أية أمة نهضت وسعدت وعمها الرخاء والأمن والقوة وصارت كلمتها هي العليا .
لذلك حث الإسلام على استخدام العقل والعناية به لذلك قال تعالى ناعياً على أصحاب السعير:”وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ”(الملك /10].
ويقول مندداً لبعض الأعراب :”إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ “(الحجرات /4).، ويقول :” خيار شبابكم المتشبهون بشيوخكم”( البيهقي في الشعب، والطبراني،). ولقد جاء في الأثر “أول ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل ، ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال الله عز وجل وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم علي منك بك آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب “( رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي أمامة وأبو نعيم من حديث عائشة بإسنادين ضعيفين. ).
#وزيــرأبيـــه :”عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز”
عندما يكون الولد خير معين لوالده ومرشد وناصح فهو امر محمود ولاسيما لوكان ذلك في أمر الحكم والرياسة ولوكان من بطانته وأحد وزرائه فذلك عين المني لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :” مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، ولا استَخْلَفَ مِن خَليفةٍ، إلا كانَتْ لَهُ بِطَانَتانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمعْرُوفِ، وَتَحُضُّهُ عليه، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ، وَتَحُضُّهُ عليه، والمَعْصُومُ مَنْ عَصمَ اللهُ”( البخاري والنسائي ).
وهذا هو
#وزيــرأبيـــه :”عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز”
يقال: إن الولد سر أبيه.. ولعل أصدق مثال على ذلك ما كان من ذلك الفتى القرشي عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، ابن الخليفة الراشد الخامس الذي لا تخفى أخباره على أحد من المسلمين، فهو العدل في حكمه، الورع في عدله، التقي في نفسه، فنعم المرشد كان لأمته..
#نموذج وقدوة للشباب
عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ابن شابه أباه في زهده وعفته وورعه وزنة عقله، وكان خير ناصح لوالده في كثير من المواقف، وكما كان عبد الملك قدوة لأبناء جيله من الشباب فهوأيضا قدوة لكل شاب يريد أن ينشأ في عبادةربه ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله ..
#قال عنه الحافظ أبو نعيم في الحلية: “كان للحق نافذا وللباطل واقذا”
#وقال ميمون بن مهران: ما رأيت ثلاثة في بيت أخير من عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك ومولاه مزاحم.
#عرف عبد الملك بالزهد والورع، ورجاحة العقل فابن رجب الحنبلي ألف كتابًا في مناقبه،ذكرفيه أن عمربن عبد العزيزقال لابنه يومًا:”إني أخبرك خبرًا، والله ما رأيت فتى ماشيًا قط أنسك منك نسكًا،ولا أفقه فقهًا،ولا أقرأمنك،ولا أبعد من صبوة في صغر ولا كبر منك يا عبد الملك”.
#نصيحة عبد الملك لأمير المؤمنين :
كان دائمًا يأتي بالخبر الفصل، وينطق بالكلام الجزل في القضايا العويصة, وبشجاعة يعجز عنها الأفذاذ، فموقع الوزارة من أبيه عمر جعله دائمًا ينظر إلى صلاح آخرة الأمير، وهذه مهمة الوزير الحقيقية: النصيحة الشجاعة، وليس تبرير تصرفات الأمير كأنه سكرتير خالص له!!
فقد جمع عمر بن عبد العزيز الناس واستشارهم في رد مظالم الحجاج، فكان كلما استشار رجلاً قال له: يا أمير المؤمنين ذاك أمر في غير سلطانك ولا ولايتك, فكان كلما قال له رجل ذلك أقامه، حتى خلص بابنه عبد الملك، فقال له ابنه: يا أبي ما من رجل استطاع أن يرد مظالم الحجاج فلم يردها إلا شركه فيها، فقال له عمر: لولا أنك ابني لقلت: إنك أفقه الناس؛ الحمد لله الذي جعل لي وزيرًا من أهلي عبد الملك ابني.
ان عبد الملك يعظ أباه فيقول له: “يا أبي أقم الحق ولو ساعة من نهار”، ويقول عمر بن عبد العزيز: “لولا أن يكون زُيِّنَ لي من أمر عبد الملك ما يُزين في عين الوالد من ولده، لرأيت أنه أهل للخلافة.”
#رعاية الإسلام للشباب اجتماعياً .
فقد نظم الإسلام العلاقات الاجتماعية بين الناس بداية من علاقة الابن بوالديه وبرهما والإحسان إليهما والزوجة ومعاشرتها بالمعروف وكذلك علاقته بجيرانه وأقاربه وعلاقته بأقرانه وزملائه والاستئذان على الآخرين بداية من أمه وأخته حتى زوجته والاستئذان على الآخرين :
حتى علاقته بزوجته فلم يترك الإسلام هذا الأمر ولم ينسى الرسول صلي الله عليه وسلم أن يذكر لنا موقفاً حدث بين خليل الله إبراهيم مع ولده إسماعيل كما ورد في الصحيحين ” أنه لما ذهب إلى ابنه إسماعيل يزوره وقد وجده قد تزوج من قبيلة جرهم سأل زوجته عليه فقالت له إنه غائب ولم تقدم له أي واجب للضيافة فلما سألها عن حالها فاشتكت له شظف العيش وخشونته وقلة الزاد وكثرة الفقر .. فقال لها خليل الله إبراهيم بلغيه بأنني قد حضرت وقولي له أنني أسلم عليه ويقول لك غير عتبة بيتك فعلم نبي الله إسماعيل لما حضر وبعدما أخبرته زوجته إن الذي أتى في غيبته هو والده إبراهيم وطلب منه أن يطلق زوجته لأنها لا تعينه على أعباء الحياة ثم أتاه بعد فترة من الزمن فوجد زوجة أخرى فسألها عنه فقالت له إنه غائب وقدمت له الطعام وسألها عن حالهم فحمدت الله وشكرته وأثنت على إسماعيل خيراً فقال لها سلمي عليه وقولي له يثبت عتبة بيته ” أي يمسك على زوجته فنجد أن خليل الله إبراهيم لم يترك ولده بعد أن تزوج ولم يبخل عليه بالسؤال والنصيحة”.
وهذا ما أكدعليه نبي الإسلام:” كرموا أولادكن وأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ”(ابن ماجه وابن عساكر). اللهم أكرمنا ولا تهنا وكن لنا ولا تكن علينا يا رب العالمين.